19‏/02‏/2009

أجهل من دآبه وأضل من الهوام ... الجزء الثاني

نبدأ هذا الجزء من تلخيص بعض الكتب والدراسات عن العلاقة بين الإسلام والعروبة أو القومية العربية والرد على السؤال القديم الحديث عن أن الإسلام جاء ليهدم القومية العربية ليبني مجتمع جديد على أساس ديني بحت لا على أساس قومي وقد وضحنا في الجزء الأول ارتباط الإسلام بالعروبة من واقع القرآن الكريم ، وأن العروبة هي الوعاء للإسلام وأن العروبة هي الأصل وأن الإسلام جاء لينظم المجتمع القومي العربي في شبه الجزيرة العربية وأن الرسالة الإسلامية جاءت من أجل العرب وبلسانهم بل إن التشريع الإسلامي أقر ونظم بعض الأمور التي كانت في العصر الجاهلي ( أي في المجتمع العربي قبل الإسلام ) وضربنا على ذلك أمثله كثيرة ، فضلاً عن الأمور الفكرية التي كانت موجودة في جزيرة العرب حتى تطرق إلى البيئة العربية نفسها وشئون الحياة اليومية العربية وأن الإسلام جاء للعرب خاصة وللبشرية عامة ولم تتحقق عالمية الإسلام إلا إذا تحققت عروبة ، فلا تشريع إلا إذا درس القران الكريم ولا يدرس القران الكريم إلا إذا كان الدارس ملم بل محيط إحاطة كاملة بالغة العربية وقواعدها

والآن أصبح في إمكاننا أن نطرق الجزء الثاني من موضوع العروبة والإسلام والقومية العربية في شبه الجزيرة العربية في عهد الخلفية أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه

نعم إن هذا العهد هو عهد قومية الإسلام أو عروبته ، وهو استمرار لعهد النبوة والرسالة من هذه الناحية ، ولكنه في الوقت ذاته يبرز لنا قضية لا بد من الوقوف عندها من حيث قدرتها على إمدادنا بالمعيار الذي نزن به أقول أولئك الذين يعارضون العروبة باسم الإسلام ، ويدعون إلى إقامة الدولة الإسلامية بدلا من إقامة الدولة القومية ، وتلك القضية هي قضية الدولة الإسلامية

إن عهد أبي بكر رضي الله عنه هو العهد الذي يقدم لنا المفهوم الصحيح عما يمكن أن يسمى بالدولة الإسلامية المفهوم الذي نتخذ منه المعيار الذي نزن به أقول الداعين إلى الدولة الإسلامية ، والضاربين بالدولة العربية عرض الحائط


وأول ما نلفت إليه الذهن في هذا المقام هو أن معنى الدولة ، ومعنى الحكومة ، في أيام أبي بكر ، وفي أيام نزول القرآن الكريم لم تكن هي المعاني المعروفة اليوم من أنها السلطة التي تدير شئون الحياة في المجتمع ، لقد كان معنى الدولة حينذاك الشيء الذي يمكن تداوله ، وكان هذا الشيء في الاستعمال القرآني هو المال مرة ، وهو الأيام مرة أخرى ، فقد قال تعالى : " ليكلا يكون دولة بين الأغنياء منكم " ، وقال عن الأيام : " وتلك الأيام نداولها بين الناس " ، وكان معنى كلمة الدولة والحكومة والحكم ، القضاء والفصل بين الناس في الخصومات والمنازعات

والآيات القرآنية التي تشير إلى الحكم بما انزل الله ، والتي وردت حينا في شأن اليهود ، وحيناً في شأن النصارى ، ولم تكن تقصد غير هذا المعنى : الفصل في الخصومات ، جاء في القران الكريم : " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين . وقال : " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ، يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا ، والربانيون والأحبار بما إستحفظوا من كتاب الله ، وكانوا عليه شهداء .. ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون "

وجاء فيه أيضاً : " وليحكم أهل الإنجيل بما انزل الله فيه ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون " ، وجاء فيه خطاباً لمحمد عليه السلام : " وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ، ولا أتبع أهواءهم ، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك ... إلى قوله : " افحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون "

إن الحكم في هذه الآيات جميعها إنما يعني الفصل في الخصومات بالعدل والقسطاس المستقيم ، وهذا إنما يحقق عندما يجئ الحكم مستنداً إلى التشريع الذي جاء من عند الله ، ويستوي في ذلك أن يكون هذا التشريع وارداً في التوراة عند اليهود ، أو وارداً في الإنجيل عند المسيحيين ، أو وارداً في القران عند المسلمين فلكل منكم جعلنا شريعة ومنهاجاً ، والكلمة التي وردت في القران الكريم ، ولها معنى السلطة التي تدار بها شئون الحياة في المجتمعات هي كلمة الملك ، ولم يكن أبو بكر رضي الله عنه ملكاً وإنما كان خليفة – خليفة لرسول الله .

وهنا لابد من وقفة نتبين فيها معنى خلافة أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله

هو خليفته من حيث أنه إنما يخلفه – أي يحل محله لوفاته صلى الله عليه وسلم – ففي أي شيء قد خلفه لا يمكن أن يكون قد خلفه في الملك من حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ملكاً ، وإنما كان نبياً ورسولا ، ولا يمكن أن يكون قد خلفه في النبوة والرسالة من حيث أن محمداً عليه السلام هو خاتم النبيين وآخر المرسلين بنص القران الكريم ، وهذا إلى جانب أن المولى سبحانه وتعالى هو الذي يختار الأنبياء والمرسلين ، ولكن يقع اختياره على أبي بكر رضي الله عنه ليكون خليفة للرسول عليه السلام



ولا يمكن أن يكون قد خلفه في السلطة التي يدير بها شئون الحياة في المجتمع من حيث أن محمداً عليه السلام إنما يستمد سلطته من الله باعتباره نبياً ورسولا : " من أطاع الرسول فقد أطاع الله " ، " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع ، بإذن الله " ، وأبو بكر رضي الله عنه لم يستمد سلطته من الله وإنما استمدها من الناس في سقيفة بني ساعدة يوم وفاة الرسول عليه السلام ، ولقد طلب البني عليه السلام إلى يؤم الناس في الصلاة وهو في مرض الموت ، ولكن الصحابة لم يتخذوا من ذلك أساساً لاختيار أبي بكر خليفه ، من حيث أن الخلافة لم تسلم لأبي بكر إلا بعد صراع عنيف بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة ، وكادت الفتنة أن تقع بعد امتشاق السيوف لولا حكمة الحكماء


والأمر الذي نؤكد عليه في هذا المقام تلك المقولة التي ترويها كتب التاريخ ، والقائلة في شأن أبي بكر رضي الله عنه لقد رضيه رسول الله لديننا – إشارة إلى إمامته في الصلاة والنبي عليه السلام مريض مرض الموت – أفلا ترضاه لدنيانا

إن هذه المقول إنما تعني اختيار الناس لأبي بكر إنما قام على منحه السلطة التي يدير بها شئون الحياة في المجتمع وهي عندهم وبنص المقول سلطة دنيوية أو بتعبير عصرنا هذا سلطة مدنية

ويؤكد هذا المعنى عندنا ما يلي

أولاً القران الكريم : وقد حارب السلطة الدينية عند أهل الكتاب عندما اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ، أي عندما منحوهم سلطة التحليل والتحريم الديني ، وهي في القران الكريم لا تكون إلا لله ، وليس من المعقول أن يحرم القران الكريم السلطة الدينية على أهل الكتاب ويجيزها لغير أهل الكتاب من المسلمين

ثانياً : إن اختيار رئيس السلطة ال
دينية عند أهل الكتاب إنما يتم عن طريق اختيار الكرادلة له ومن إليهم من رجال الدين لهذا الرئيس ، أما في حالة خلافة أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله ، فإن شيئاً من ذلك لم يحدث ، والذين اختاروه هم أبناء الأمة العربية الذين حضروا البيعة في السقيفة ، والذين حضروها في مساجد الأمصار وليسوا رجال الدين من أمثال الكرادلة

ثالثاً : ليس هناك نص ديني من كتاب أو سنة يتعلق بكيفية قيام الخلافة ، ولم يحدث أن عين رسول الله أباً بكر ليكون خليفة ، كما فعل أبو بكر فيما بعد حين ، اختار عمر بن الخطاب ليكون خليفته من بعده

أن هذا كله يعني أن شيئاً واحداً هو خلافة أبي بكر لرسول الله كانت خلافة لرسول الله بأمر رسول الله فيما يخص إمامة الناس في الصلاة ، وفي شئون الدين قياساً على الصلاة ، وكانت بيعة من الناس فيما يخص إدارة شئون الحياة في المجتمع ، أي عمليه سياسية مدنية ، وليست دينية ، والأمر الذي أوريد أن أؤكد عليه في هذا المقام أن الله جلت حكمته قد ترك أمر الخلافة للناس ولم يقيدهم في ذلك بقاعدة معنية ، ترك الأمر لهم ليختاروا الشكل الذي يرونه مناسباً لأزمنتهم التي يعيشون فيها ، ولو قيدهم بنص لأصبح هذا القيد دنياً يتبع مهما تمر الأزمة وتختلف الأمكنة

إن نظام الخلافة عربي خالص لم يسبق إليه في الفرس الملكية ، أو في روما الإمبراطورية ، كما لم يكن امتداد للنوبة

إنه نظام دنيوي عربي ما يكون بالنظم الجمهورية الحديثة ، ولولا ما قام به أبو بكر رضي الله عنه من وضع تلك القاعدة التي استغلت فيما بعد أسوأ استغلال وهي حق الخليفة في أن يختار من الناس من يسند إليه الخلافة من بعده





لقد فعل أبو بكر هذا تفادياً لما حدث في سقيفة بني ساعدة يوم وفاة النبي عليه السلام ، ولم يكن النبي قد وقع اختياره على من يخلفه في إدارة شئون الحياة في المجتمع الإسلامي ، كانت أحداث السقيفة ماثلة وحاضرة أمام أبي بكر رضي الله عنه وهو في مرض الموت ، ومخافة أن يحدث هنا ما حدث هناك ، طلباً للاستقرار وتجنب الفتنة اختار أبو بكر عمراً رضي الله عنه ، والذي فعله أبو بكر انه أصلح الموجودين لأن يخلفه ، أما من جاؤوا فيما بعد ، وابتداء بمعاوية بن أبي سفيان ، فكان يختارون أبناءهم ، وانشأوا بذلك حكم الأسرة في الإسلام ، وأحالوا بذلك الخلافة إلى ملك عضوض فيما قال المؤرخين واصفين لتلك الفعلة التي فعلها معاوية ابن أبي سفيان ، خلافة كسروية

فارس عبدالفتاح .... قومي عربي

12‏/02‏/2009

مصيبتنا في بعض الفلسطينيين

سلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بعد العدوان و الحصار المستمر علي غزة علينا أن نقف وقفة جادة مع أنفسنا لنضع الأصبع علي الجرح.

لماذا لا نحاسب فئة فلسطينية تنازلت عن أرض فلسطين 48 في إتفاقيات أوسلو واشنطن في 1993؟ هؤلاء الناس هم متطفلين علي قضية تحرير فلسطين برمتها. هم رهنوا أرضنا و إرادتنا وفق رغبة قوة الإستكبار.
نعم الخيانة أقدم من 1993، فالسادات خاض حرب 73 فقط ليفاوض من موقع القوة العدو الصهيوني من أجل الإعتراف بهذا الأخير و التطبيع مع كيان غاصب، لكن ماذا عن السيد عرفات و جماعته ؟ ماذا عن فئة من الفلسطينين يرون في التفاوض و السلام مع العدو بالتنازل عن أرض فلسطين 48 و حتي أرض 67 التي لم ينالوا منها شيء و حتي ذلك الفتات في غزة و رام الله فهو محاصر و مهدد بالإجتياح في أي لحظة ؟ ألا يستدعي الأمر و الموقف أن نعيد حساباتنا من جديد لنسمي الخائن خائن و الصادق المقاوم بالصادق المقاوم ؟ فتنازل بعض الفلسطينيين المحسوبين علي تيار السلام و قيام دولتين و جوار مسالم و خطة دايتون أوقع بنا في مصيدة كلفتنا غاليا و غاليا جدا. كيف نسمي من تنازل عن أرض المحشر و هل هي إستراتيجية ذكية أن نتازل عن فلسطين 48 بدعوي أن ميزان القوي في صالح العدو الصهيوني ؟ طيب نعم ميزان القوي هو في صالحهم مؤقتا لكن الزمان ممتد أمامنا لماذا نحكم علي الأجيال القادمة بالفشل مسبقا و نحرمهم و معهم مليار و نصف مليار مسلم من أرض بيت المقدس ؟ قبل الحصار و قبل فوز حماس في الإنتخابات التشريعية الأخيرة كانت مسيرة ما يسمي السلام ملغمة و معروفة نهايتها سلفا. فما يتجاهله بعض العلمانيون المتطرفون في السلطة الفلسطينية و في التيار العلماني في فتح أن لا سلام بين الظالم و المظلوم و أن الله أقر في قرآنه الكريم في سورة البقرة من 1400 سنة أنه لن ترضي عنا اليهود و لا النصاري حتي نتبع ملتهم و اليهود الصهاينة الغاصبين حينما إحتلوا فلسطين قاموا بذلك الإحتلال علي أنه إعلان حرب علي الإسلام داخل فلسطين وفي كل العالم العربي الإسلامي و جاء العرب ليحصروا القضية الفلسطينية بينهم بينما كان المطلوب أن يتصدي لقضية تحرير كل فلسطين مسلمي كوكب الأرض كله و أن لا يترك للشعب الفلسطيني و قادته من العلمانيين أي حق في تقرير أي شيء في قضيتهم إلا بالعودة إلي كل مسلمي كوكب الأرض و علي رأسهم جميعا علماء الإسلام . فالصف العربي سرعان ما إخترقته الحركة الصهيونية و أصبحت بعض الأنظمة العربية بما فيها النظام المصري و الأردني و حتي السعودي تري في العدو الصهيوني حليف أمين ضد الإنبعاث الإسلامي و هذا ما أقر به في كتابه القيم " التهديد الإسلامي أسطورة أم حقيقة ؟"المستشرق الأمريكي جون ل. إزبوزيتو. ألم تقزم إتفاقيات أوسلو القضية الفلسطينية ؟ ألم تصفي تلك الإتفاقيات القضية من أساسها ؟ لماذا يطالب اليوم الفلسطينيون ب 22 بالمائة من الأرض التاريخية ؟ بما أنهم تنازلوا عن 78 بالمائة من مجموع أرض فلسطين، كيف سيترك لهم العدو ذلك القليل الذي باتوا هم الطامعين فيه و ليس العدو الصهيوني الذي أخفي جشعه و ألصق تهمة الجشع و الطمع بشعب فلسطين و قيادته السياسية العميلة ؟ لماذا لا ننتبه إلي محتوي كتاب "تانكريد" الذي كتبه أحد أوائل الصهانية دي إسرائيلي في 1838 داعيا فيه إلي هيمنة يهودية مسيحية علي العالم ؟ ألم يحققوا ما خطط له دي إسرائيلي ؟ لماذا هم صف واحد ضدنا و نحن نواجههم متبعثرين البعض منا مغتر بنفسه و الآخر خائن يري في الإنبعاث الإسلامي الحضاري الشامل تهديدا لوجوده و كرسيه و إمتيازاته ؟ فكل الحروب التي خاضتها الأنظمة العربية ضد العدو الغاصب إلي 1973 كانت تنقصها رؤية واضحة حول الحل الجذري لقضية فلسطين. فهل كانت الجيوش العربية تحارب من أجل تحرير كل أرض فلسطين و تطهير الأرض من دنس اليهود في نفس الوقت الذي تخوض الحرب علي جبهة أخري من نوع آخر، حرب تضع الهيمنة الإمبريالية خارج حدود العالم العربي الإسلامي بحيث لا تحكم دساتيرنا قوانين من صنع الغرب الإمبريالي ؟ طبعا لا. ألا يعد إنضمامنا للأمم المتحدة و وكالة الطاقة النووية و منظمة التجارة الدولية شكل من أشكال الإنضواء تحت لواء الصليبية الصهيونية ؟ فتحرير فلسطين يبدأ بتحرير الذات المسلمة من التبعية في كل شيء من الإقتصاد إلي الإجتماع، من السياسة إلي الثقافة، من التعليم إلي الهوية. و كل هذا غير متوفر و لا وجود لإرادة ساسية عربية و إسلامية في ان نكون جسم واحد من مقاطعة إيغور في الصين إلي موريتانيا. فداء القطرية و القوميات و داء الخيانة الذي ترفع لواءه بعض الأنظمة العربية و المسلمة، كلها مستفحلة بما فيه الكفاية في طول و عرض أمتنا.

بقلم عفاف عنيبة

أجهل من دابه وأضل من الهوام


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين "


صدق الله العظيم


هذا الرد مقتبس من بعض الكتب والدراسات ، والله المستعان فإذا أخطأت فمنى وإذا أصبت فمن الله .. وسوف يكون الرد على ثلاث أجزاء



ملحوظة : أعلم أنه يوجد أناس لا يحبون القراءة وإذا قرئوا لا يستوعبون فسوف أللخص هذا الجزء في بضعة اسطر حيت استطيع أن أوصل لكم الإجابة عن سؤالك ألا وهو العلاقة بين السلام والعروبة .. أقول إن الأشهر الحرام كانت موجودة قبل الإسلام وجاء الإسلام واقرها بل ووضع عليها نوع من القداسة الدينية وألزم المسلم ( غير العربي ) بحكم الالتزام به . وإن الحج كان قبل الإسلام للعرب وجاء الإسلام واقره وجعله ركن من أركان العقيدة الإسلامية ولا تصح هذه العبادة وهي الحج إلا إذا أقيمت باللغة العربية وبالأراضي العربية والزمان العربي وهو الشهر زى الحجة العربي . وإن التعبد بالقرآن لا يجوز إلا إذا تلي باللغة العربية ،، وأن الصلاة لا تجوز ولا تصح إلا إذا أقيمت أركانها باللغة العربية من الأذان إلى التسليم وختم الصلاة بالتسابيح .. والكثير الكثير وأسوف ادخل في هذا الموضع باستفاضة فإن كانت لديك القدرة على القراءة تابعي وإلا يكفيك التلخيص .. وسوف أورد لك أحاديث كثيرة صحيحة وبإسناد صحيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل العرب والعروبة وسوف تكون هذه الأحاديث في آخر جزء إنشاء الله إن كان في العمر بقيه





فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا الله وإنا إليه راجعون ،، هدانا الله أنا وأيك . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم



العروبة والإسلام




المقدمة



الحديث عن العروبة والإسلام حديث قديم جديد ، وأول ما بدأ هذا الحديث في اعتقادي بعد ظهور الشعوبية في العصر العباسي ، فلقد انطلق الشعوبيون يشككون في مزايا العرب وفضائلهم وفى ما خصهم الله به من مجد حين حملوا لواء الرسالة ، وألف هؤلاء الشعوبيون الكثير من الكتب في انتقاص فضائل الأمة العربية وزعم الزاعمون منهم أن الإسلام وحده قد جعل ذلك الشتات العربي امة تعرف أن تتصرف كباقي الأمم ، غال من غالى منهم فأنكر على العرب بلوغ أي مجد في ظل الإسلام ، وبعد ذلك الجدل الذي احتدم بين هؤلاء الشعوبيين بين من تصدى لهم من كتاب ومفكرين وفي ذلك العهد انبعثت هذه الحملات من جديد حين تسلط العثمانيون على الأمة العربية ، ولا سيما في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، بعد أن انصرف العثمانيون نحو الطورانية وأسسوا جمعية الاتحاد والترقى وجمعية تركيا الفتاة ، ونظروا إلى العرب نظرة استعلائية حثت بالمخلصين من أبناء العروبة على التفكير الجاد في الخلاص من ذلك الاستعمار ، ونحن نعلم أن العرب حين تنادوا للخلاص من الاستعمار العثماني انبر بعضهم يدافع عن الخلافة العثمانية باسم الإسلام ، وحمل دفاع المعارضين للخلاص ما يعد تطاولاً على القومية العربية وانتقاصاً لمكانة العرب ، وكلنا يذكر أن العرب حين ثاروا في الخامس من حزيران 1916 خطأهم من رأوا ضرورة استمرار الخلافة العثمانية، بالرغم مما لاقى العرب من اضطهاد وظلم ومحاولات جادة لتتريك اللغة والتراث والشخصية العربية ، وبعد خروج العرب من الدولة العثمانية وازدهار الحركة القومية في كثير من الأقطار العربية تجددت الأحاديث حول العروبة والإسلام بعد ظهور الأحزاب الدينية ، ولا يسما حزب الإخوان المسلمين في مصر ، ونحن نعلم أن هذا الحزب قد أسس وقد عمل فيه الكثيرون على محاربة الهوية العربية في مصر، فلا البيت المالك في مصر يرغب في الهوية العربية ولا أولئك الاستعماريون المسيطرون يرغبون في هذه الهوية ، ولقد كان الاستعمار وما زال يخشي تمسك مصر بهويتها العربية ، كيلا تتزعم مصر الأمة العربية وتسير بهذه الأمة نحو آمالها القومية ، ولذلك استبعدت العروبة استبعادا كاملاً من الدعوة الإسلامية التي دعا إليها الإخوان المسلمون ، ونهج على هذا النهج كثير من ظهروا بعد ذلك في الساحة العربية من دعاة الحزبية الدينية ، ما زال الحديث قائما حول العروبة والإسلام . العلاقة بين العروبة والإسلام : يسعدني أن أوضح هذه العلاقة بين العروبة والإسلام منذ النشأة الأولى لهذه العلاقة وحتى أيامنا هذه ، واضعين في الاعتبار أن المسار الطويل لهذه العلاقة ، والذي يبلغ فيما نعرف جميعاً أربعة عشر قرناً وتزيد قليلاً مما يمكن التمييز فيه بين مراحل تاريخية ثلاث ، لكل واحدة منها طابعها الخاص بها ، والمميز لها عن غيرها . وهذه المراحل الثلاث هي



المرحلة الأولى : المرحلة التي كانت فيها العلاقة داخل الإطار العربي ليس غيره ، والتي تشمل زمن النبي عليه السلام وزمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وكانت هذه العلاقة – فيما بعد نعرفه جميعاً – سيئة أول الأمر في العهد المكي بطوله ، ثم أخذت في التحسن إلى أن أصبحت علاقة حميدة في آخر العهد المدني ، ونزل فيها من القران الكريم ما يخاطب أبناء الأمة العربية بقولة " اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام ديناً " وهى الآية التي نزلت في حجة الوداع وكانت من آخر ما نزل من القران الكريم



المرحلة الثانية : المرحلة التي بدأت بخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والتي خرج فيها الإسلام من الإطار العربي إلى العالم الفسيح ، والتي استقطب فيها الإسلام أناساً من خارج الجزيرة العربية ... ولقد بلغت هذه المرحلة من الطول ما يقرب من ثلاثة عشر قرناً كانت العلاقة فيها حسنة جداً بين العرب والشعوب الأخرى



المرحلة الثالثة : ثم المرحلة الثالثة والأخيرة ، وهى التي تبدأ منذ قرن تقريباً تنقص قليلاً أو تزيد قليلاً، وكانت العلاقة فيها سيئة إلى الغاية ، حيث أنها المرحلة التي أخذت فيها كلمة العروبة معني سياسياً ومفهوماً قومياً جديداً بعد أن نشأ مبدأ القوميات وأخذت فيها كل امة تتعرف على ذاتها ، وتحدد مقومات وجودها وتسعى في سبيل تحقيق دولتها القومية التي تنطبق فيها حدودها السياسية على حدودها القومية . ولقد اخذ بعض أبناء الأمة العربية المبدأ ، واخذوا يسعون في تحقيق الدولة القومية التي تنفصل عن الدولة العثمانية وتصبح دولة مستقلة لها حدودها القومية . انه عند ذلك ظن بعض الناس بالقومية العربية السوء وراحوا يعارضون باسم الإسلام ، ويذهبون إلى أنها الدسيسة الاستعمارية ضد الإسلام ، وان الاستعمار يعمل على أن تكون الوحدة العربية هي بديل عن الوحدة الإسلامية – الأمر الذي نراه نحن عربياً خارجاً على حدود الإسلام والدين ، كما سوف نري



ويسعدني أن يكون القران الكريم هو المصدر الأول عن الحديث عن هذه العلاقة – وذلك للاعتبار التالية



الاعتبار الأول : إن القران الكريم هو المنشئ الأول للعلاقة بين العروبة والإسلام حين انشأ الإسلام في الأرض العربية ، وحين كان الوحي من الله للنبي العربي محمد بن عبد الله عليه السلام ، ومن هنا كان لابد من الرجوع إلى القران الكريم للتعريف على كيفية نشأة هذه العلاقة بين العروبة والإسلام



الاعتبار الثاني : إن القران الكريم هو السجل الصادق لتطوير هذه العلاقة ، والموجه الأول لتنمية هذه العلاقة ، فلقد رعاها يوم أن كانت العروبة ترفض الإسلام في العهد المكي ، ورعاها والعروبة تتقبل الإسلام بالتدريج في العهد المدني ، ثم صور لنا ذلك كله في حوار فكري ، وفي صراع جسدي حين صور الجدل القوي العنيف بين النبي عليه السلام وأهل مكة ، يحن صور لنا الغزوات والحروب التي قامت بين المسلمين من الأنصار والمهاجرين من العرب ، والمشركين العرب من سكان الجزيرة العربية، والتعرف على كل الحقائق من القرآن الكريم هو الذي يكشف لنا عن الأبعاد الحقيقة لهذه العلاقة



الاعتبار الثالث : وهو الأهم من وجهة نظري ، وهو أن صيغة العلاقة بين العروبة والإسلام كما صاغها القران الكريم سوف تكون المعيار الذي نزن به أقوال الذين يظنون بالعروبة ظن السوء ، وسوف تكون الإجابة السليمة على تحديات الذي يتحدون العروبة باسم الإسلام . القران الكريم أيها أحبابنا هو سبيلنا الوحيد للتعرف على أبعاد هذه العلاقة وللرد على الرافضين للعروبة باسم الإسلام واني وضعت آيات كريمة على رأس المدونة تقول بالنص



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ... مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ... وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ... صدق الله العظيم


المرحلة الأولي



والآن ماذا قال القرآن الكريم عن هذه العلاقة ؟ يمضي القرآن الكريم أيها الإخوة على أن الإسلام ليس إلا النظام الديني للأمة العربية أولاً ، وقبل كل شيء ، النظام الذي نزل من السماء ليكون البديل عن الأنظمة الأخرى التي كانت الأمة العربية تمارس حياتها على أساس منها . يقول الله تعالى : " وهو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ، يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة – وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " . ويقول تعالى : " وكذلك أوحينا إليك قراناً عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها ... " . ويقول على لسان محمد صلى الله عليه وسلم : " إنما أمرت أن اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء ، وأمرت أن أكون من المسلمين ، وان أتلوا القرآن فمن اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المذرين " . ويقول تعالى : لإيلاف قريش ، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " . ولم يقف القران الكريم عند هذا الحد من الحديث عن الإسلام هو النظام الديني للأمة العربية ، وإنما مضى إلى ما هو ابعد من ذلك فكشف لنا عن جذور التاريخ لهذه الحقيقة ، واكسبها بذلك لوناً من القداسة الدينية



فعل القران الكريم ذلك عندما تحدث عن الإسلام على أنه قد كان ستجابه لدعوة إبراهيم وإسماعيل عليها السلام بخصوص ذريتهم العربية ، ويقول الله تعالى : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ، ربنا واجعلنا مسلمين لك ، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ، وأرنا منسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ، ربنا وأبعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويزكيهم ، انك أنت العزيز الحكيم " . هذا فيما يخص الهدف من الدعوة ، الهدف الذي يحقق بتعليم الأمة العربية – الأمة الأمية – الكتاب والحكمة ، لإخراجها مما هي فيه من ضلال



أما فيما يخص موقف الرفض للإسلام ، الرفض العربي ، فنحن نكتفي بما ورد في القران الكريم من إصرار العرب على الإبقاء على النظم المتوارثة عن الآباء والأجداد حين كانوا يقولون حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا – أي حسبنا أن نمارس حياتنا على نفس الأسس التي كان آباؤنا يمارسون حياتهم على أساس منها . والقران الكريم طلب من النبي عليه السلام توجيه له أن يقول لهم : أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه إباءكم أو يقول لهم منكراً تقديسهم لتراثهم الثقافي : أولو كان إباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون . وليس يخفى عليكم أيها الأحباب أن القران الكريم في رده عليهم إنما يشير إلى حقيقة اجتماعية تكون الباعثة على التغيير في النظم الاجتماعية ، وهي التي تتمثل تارة في كون النظم القائمة لم توضع على أساس من الحق والعدل وإنما وضعت على أساس من الهوى والغرض الذي يجئ بعيداً عن العقل وعن الهداية ، أو التي تتمثل تارة أخرى في كون النظام القائم قد وضع فيما مضى على أساس من الحق والعدل – لكن الزمن الحالي قد جاء بنظام أخر أصلح منه ، وأهدى إلى الحق والعدل عند ممارسة الحياة – أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه إباءكم



هنا وقفه



وهنا نقف لتجلية هذا الموقف الذي انتهينا إليه من قول بأن الإسلام هو النظام الديني للأمة العربية ، إن هذا الموقف لا يمكن ابدأ أن يحمل معنى عدم عالمية الإسلام ، فالاسم ديانة عالمية – ولكن عالمية لا تتحقق إلا بعد أن تتحقق له عروبته . إن الإسلام كنظام ديني للحياة كان لابد له من خوض تجربة تقوم على مماسه عملياً في مجتمع ما أو في قوم بأعيانهم ، ولقد اقتضت حكمة الله أن يكون المجتمع البشري الذي تجري فيه التجربة هو المجتمع العربي . والتاريخ الإسلامي نفسه يؤكد هذه الحقيقة ولا يخرج بها من الإطار العربي ، فالإسلام كنظام ديني لم يخرج مكانياً عن إطار الجزيرة العربية حتى وفاة الرسول النبي عليه السلام ، وكان الذي يمارسون حياتهم على أساس منه هم عرب شبة الجزيرة . ويوم إن أعلن محمد عليه السلام في الناس قول القران الكريم : " اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا " إنما كان يقصد العرب ، والعرب ليس غير ، فيهم المقصدون بهذه الآية . وظل الإسلام كنظام يدني محصوراً في المجتمع العربي ، وفي شبة الجزيرة العربية أيام أبي بكر رضي الله عنه ، ولم ينتشر في الأرض ويخرج من نطاق الجزيرة العربية إلا في زمن عمر رضي الله عنه



التجربة الإسلامية عربية أولاً وقبل كل شيء – أي تجربة قومية بالنسبة للأمة العربية التي كانت موجودة زمن النبي عليه السلام ، وزمن أبي بكر رضي الله عنه . والآن لنقف قليلاً مع القران الكريم لنتبين أبعاد هذه التجربة الإسلامية ، ولنرى من آيات القران الكريم كيف كانت هذه الأبعاد عربية ، أولاً وقبل كل شيء



والبعد الأول : والأصيل من أبعاد هذه التجربة الإسلامية أنها اتخذت من اللغة العربية وعاء ثقافياً لها فلغة العرب القومية هي الوعاء الثقافي والفكري للتجربة الإسلامية . والقاعدة العامة في ذلك هي الإشارة القرآنية إلى أن جميع الرسالات السماوية إنما تجئ في اللغة القومية ، وذلك هو المضمون المستفاد من قولة تعالى : " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ..... " . وذلك يعني فيما هو الواضح لنا جميعاً إن اللغة القومية إنما تكون ليحل الفهم للرسالة المساوية والوعي بمضامينها الدينية والاجتماعية وبكل ما فيها من قيم ثقافية ، ومعايير سلوكية ، والى جانب هذه القاعدة العامة التي تشير فيما تشير إليه ، أن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام سوف تكون بلغة قومه الذين بعث فيهم وأرسل إليهم وهم العرب ، وتوجد قاعدة خاصة ينصب فيها النص القرآني على العلاقة بين العروبة والإسلام انصباباً مباشراً . يقول الله تعالى : " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ، وهذا لسان عربي مبين " . ويقول تعالى : " وانه لتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين " . ويقول تعالى : " وهذا كتاب مصدق ، لساناً عربياً ، لينذر الذي ظلموا ، وبشرى للمحسنين " . وهذه القاعدة الخاصة يمكن مساندتها بالعديد من الآيات القرآنية التي تنص نصوصاً قطعية الدلالة على عروبة القران الكريم من مثل قوله تعالى : " إنا أنزلناه قرآناَ عربياً لعلكم تعقلون " وقوله تعالى : " إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " . اللغة العربية هي الوعاء الثقافي لرسالة المساء المسجلة في القرآن الكريم المصدر الأول للإسلام ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد وإنما تجاوزتها إلى ما هو ابعد من ذلك حين توقف القرآن عن النزول ، فقد كانت اللغة العربية ، ولا تزال ، الوعاء الثقافي للفكر الإسلامي الذي أنتجه المفكرون المسلمون على مر العصور . وهنا بعض الظواهر التي يصح أن نقف عندها لدورها في الكشف عن العلاقة بين العروبة والإسلام



الظاهرة الأولى : إن عروبة ما قبل الإسلام لها دور هام في الوعي بالإسلام في كل بعد من أبعاده تقريباً – كما سوف نشير إلى ذلك فيما يأتي ، وبعد لحظات . غير أنا نقف هنا عند الشعر الجاهلي واللغة الجاهلية من حيث أثرهما في معني المفردات القرآنية



والظاهرة الثانية : إن اللغة العربية كانت ولا تزال الأداة التي يؤدي بها الإنسان المسلم غير العربي النسك ، فالصلاة لا بد وأن تكون باللغة العربية



الظاهرة الثالثة : إن الأزمنة والأمكنة العربية لا تزال هي الأساس الديني في تأدية الفروض الدينية ، فالتوقيت العربي والأشهر العربية هما الأساس الديني لتأدية فريضة الصوم في شهر رمضان ، وتأدية فريضة الحج في الحج ، وهكذا ، الأمكنة العربي هي المعتمدة في الصلاة حيث يتجه السلمون جميعاً نحو الكعبة في مكه ، وهي المعتمدة في الحج حيث يذهب الناس كلهم إلى البلاد العربية : مكة عرفات ، ومنى ، والمزدلفة . وهي المعتمدة في العمرة أيضاً . إن هذه الظواهر الثلاث ، إلى جانب ما قدمناه من إشارة إلى الوعاء الثقافي للإسلام ، إنما يؤكد قوة العلاقة فيما بين العروبة والإسلام ، ويبرز بصفة خاصة دور العروبة في حياة الإسلام وهو دور بارز يؤذن لنا في القول بان العروبة هي الإطار العام ، وان الإسلام له النصيب الأكبر في هذا الإطار – ولكنه ليس النصيب الأوحد من حيث إن العروبة تتسع للإسلام ولغير الإسلام من الأديان السماوية ، ومن القيم الثقافية العربية الناجمة عن اجتهادات الفكر البشري في تقديم الحلول لمشكلات الإنسان في هذه الحياة



أيها السادة : نستطيع أن نأذن لأنفسنا الآن بالانتقال من العام إلى الخاص ، بالانتقال من الوعاء الثقافي إلى ما في داخل هذه الوعاء من مكونات ، وسوف نختار من هذه المكونات عنصراً من عناصر المعتقدات ، وعنصراً من عناصر العبادات ، وعنصر المعاملات أو القضايا الاجتماعية التي يبرز فيها حقوق الناس على الناس ، لنتبين من كل عنصر من هذه العناصر كيف صور القرآن الكريم العلاقة بين العروبة والإسلام ، وكيف كان العنصر البارز في هذه العلاقة هو عنصر العروبة وليس الإسلام – اللهم إلا إذا اعتبرنا الإسلام أهم عنصر من العناصر تطبع العروبة بطابع خاص



الظاهرة الأولى : والعنصر الذي اخترناه من عناصر العقيدة هو أهم عنصر فيها وهو : " الله " الله قديم ، سبحانه ، وهو المبدع للكون بمن فيه ، وما فيه ، ولم يغب أبداً عن ذهن المجتمع العربي فقد كان حاضراً فيه قبل الإسلام وهذا الذي يؤكده القرآن الكريم حين يقول : " ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ، ليقولن الله ... " . " ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولون الله ... " . " فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ... " . الله حاضر في ذهن الإنسان العربي قبل أن يكون الإسلام – ولكنه لم يكن وحده في الحضور فإنما كان جانبه أله أخرى ، ومن هنا كان الشرك الذي يعني تعدد الإلهة بوجود شركاء لله . الإلهة التي كانت موجودة إلى جانب الله هي اللات والعزى ومناة وغيرها – وهي آله عربية ، وكان لكل آله من الآلهة الباطلة صنمه المقام له حول الكعبة – وقد كانت معروفة عندهم بأنها بيت الله . إن ما فعله الإسلام أيها السادة هي نظرته إلى الله على أنه المعبود بحق ، وإن غيره من الآلهة إنما يعبد بالباطل . وإن الإخلاص في العبادة ليس يصح إلا لله وحده، وأنه من هنا كان اعتراضهم الذي سجله القرآن الكريم عليهم وقولهم : " أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب ، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق " . والملة الآخرة التي يشيرون إليها هي المسيحية التي تقول بان الله ثالث ثلاثة ، والقران الكريم يشير إلى هذا حين يقول : " ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون ، وقالوا أآلهتنا خير أم هو ، ما ضربوه لك إلا جدلا ... " . المستهدف من الدعوة الإسلامية إن يعبد الله وحده وأن يرفض ما عداه من الآلهة العربية التي اخترعها هؤلاء الناس لأنفسهم – إن هي إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ... " . وكانت عبادة الله قديماً في الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السلام ، ولا تزال عبادة الله تقوم في بيت الله الذي يتوجه الناس إليه في الصلاة ويحجون إليه كل عام في أرض العرب




( الله ) : مرتبط بالعروبة في الإسلام ، وفيما قبل الإسلام ، ومرتبط مع غيره من الآلهة في عروبة ما قبل الإسلام . وارتباط الله بالعروبة في الإسلام لا يعني الارتباط بالدين الإسلامي ، وإنما يعني الارتباط بالإسلام من حيث هو نظام ديني للأمة العربية ، نظام يسمح بحضور الله في العروبة على أساس من الأديان السماوية لغير المسلمين من العرب – أي أهل الكتاب . وهنا لان ندخل في عروبة أهل الكتاب اليهودية والنصرانية أو غيرهم من المشركين حتى لا نطيل الكلام



الظاهرة الثانية : ولن نتناول الصلاة وتلاوة القرآن التي هي بالعربية لأنها أمر بديهي لا جدال ولا حوار فيه .. وموقفنا هنا سوف يكون مع العبادة الدينية المعروفة باسم الحج ، والحج معناه اللغوي ( الزيارة ) والحج كان ولا يزال ، من حيث زمان الحج ، ومن حيث مكانه ، مرتبط ارتباطاً قوياً بالعروبة ، من حيث أنه لا يسمى حجاً إن جاء خارج الإطار العربي في الزمان وفي المكان . والحج بنص القرآن الكريم واجب ديني عربي منذ إبراهيم عليه السلام ، وجاءت هذه الفريضة الدينية استجابة لدعوة دعاها إبراهيم عليه السلام . ويقول الله تعالى : " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً ، وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً، وعلى كل ضامر ، يأتين من كل فج عميق .. الخ الآيات من سورة الحج . ويقول : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ، ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً " . ويقول تعالى : " وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود " ، ويقول تعالى : " رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات – من آمن منهم بالله واليوم الآخر ... " . ويقول تعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما .. " . ويقول المفسرون للقران الكريم أن سبب نزول هذه الآية هو امتناع بعض الصحابة عن السعي بين الصفا والمروة من حيث انه كان سعياً قبل الإسلام بين إساف ونائلة ، فرفع القران الكريم عنهم هذا الحرج من حيث انه سعي بين الصفا والمروة. إن كل مناسك الحج من طواف الكعبة ومن سعي بين الصفا والمروة ، ومن وقوف بعرفة ... الخ



إنما كان معروفاً ومعمولاً به عند العرب من قبل رسالة محمد عليه الصلاة والسلام . إن كل ما جاء به القران الكريم إنما هو إخلاص هذه الفريضة الدينية لله وحده والقضاء على كل ما يقوم به الحجاج العرب من تلبية لغير الله وإزالة الآلهة الأخرى ، والإبقاء فقط على الكعبة بيت الله



الفريضة الدينية : الحج مرتبطة ارتباطً قوياً بالعرب ، لا من حيث زمان تأديتها ولا من حيث مكان تأديتها فقط ، وإنما من حيث هي مناسك وشعائر عربية أيضا . وإذا ما انتقلنا أيها السادة إلى ما هو غير المعتقدات والعبادات ، فان المسالة سوف تكون ابرز واقوي وأوضح ،، وأجلا



الظاهرة الثالثة : إن ارتباط الإسلام بالعروبة قوي جداً وأوضح ورد في القرآن الكريم ، ووردت في القران الكريم إجابة عنه إنما هو قضية من قضايا العروبة ، ومشكلة من مشاكل حياتها . ولنقرأ سوياً هذه الأسئلة وهذه الأجوبة . يقول الله تعالى : " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ، قل ، قتال فيه كبير ، وصد عن سبيل الله وكفر به ، والمسجد الحرام وإخراج أهلة منه أكبر عند الله ، والفتنه أكبر من القتل ، ولا يزالون يقاتلوكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ... الخ " . ويقول سبحانه : يسألونك عن الخمر والميسر ، قل ، فيهما إثم كبير ومنافع للناس ... الخ " . ويقول : " يسألونك عن المحيض ، قبل ، هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ... الخ " . ويقول : " يسألونك ماذا أُحل لهم ، قل ، أُحل لكم الطيبات ... الخ " . ويقول : " يسألونك عن الساعة أيان مرساها ، قل ، إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ..... " . يقول جل وعلا : يسألونك عن الأنفال ، قل ، الأنفال لله والرسول ... الخ



فالأسئلة الواردة في القران هي الأسئلة التي تنبت في الحياة العربية مصورة مشكلاتها ، والإجابة عن هذه الأسئلة هي الإجابة القرآنية أو الإسلامية هي المشكلات – أي إن القران الكريم إنما ينظم الحياة العربية ، ويقدم الحلول لمشكلاتها القائمة . وإذا تركنا الأسئلة والإجابة عنها إلى ما كان يدور من جدل أو حوار بين النبي عليه السلام وغيره ، نجده جدلاً وحوراً يدور حول مشكلات الساعة في الحياة العربية ، ومشكلات النبوة والرسالة القران الكريم ومشكلات الحياة اليومية للإنسان العربي . ويقول : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ، والذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم ، إن أمهاتهم إلا اللاتي ولدنهم ، وإنهم ليقولن منكراً من القول وزورا " . ويقول : " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ، يجادلون في الحق بعد ما تبين ... " . فالجدال لا ذي تصوره هذه الآيات وكثير غيرها إنما يدور حول ما كان يزخر به المجتمع العربي من مشكلات ذهنية حول قيم ثقافية وسلوكية لم تكن قد استقرت بعد ، وأخذت الحياة العربية تمارس على أساس منها



ولم يقف أمر القران الكريم عند هذه الحدود من التفاعل بين التراث العربي والنظام الديني الجديد الإسلام ، وإنما أجتازه إلى البيئة العربية المعنوية ، والبيئة المادية ، فوقف عندها وصورها لينفذ من هذه الصور القديمة إلى وضع البديل الجديد ، البديل الذي يرقى بمستوى الحياة في المجتمع العربي المعاصر لنزول القران الكريم أولاً وقبل كل شيء . ويقول الله تعالى : " والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ، وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين ، والله جعل لكم مما خلق ظلالاً ، وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم – كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون "



ويطول بنا المقام أيها الاخوة الأفاضل إن نحن مضينا في تتبع الآيات القرآنية التي تقف عند البيئة الطبيعية وعند البيئة المعنوية من حياة المجتمع العربي في شبة الجزيرة العربية



الحقيقة الأولى : إن القران الكريم قد صور لنا ألواناً من الصراع الفكري ممثلة في الجدل والحوار وألواناً من الصراع الجسدي ممثلة في الحروب والغزوات وإن هذا كله لم يكن إلا صراعاً عربياً بين المسلمين وغيرهم أي بين الداعين إلى الجديد والملتزمين بكل ما يجئ به الجديد من بديل ، والثابتين على القديم المتمسكين بكل ما فيه من تراث وقيم . وليس يخفى إن مثل هذا الصراع صوره القران الكريم ، هو الذي يحدث في كل امة تقع فيها تغيرات جذرية تتناول الآراء والمعتقدات ، والتقاليد والعادات ، والقيم والأخلاق والمعايير بها من مستوى حضاري إلى أخر ارقي منه واقدر على تحقيق السعادة والخير لهذه الأمة



وعلى هذا نستطيع إن ندرك في سهولة إن الإسلام هو ذلك النظام الجديد الذي استهدفت الحكمة الآلهية من تعليم الأمة العربية الكتاب والحكمة لإخراجها من الظلمات إلى النور ، وهدايتها إلى الحق والى الطريق المستقيم . أنها الأمة ، وإنه النظام الذي تمارس به هذه الأمة حياتها لتنتقل من طور حضاري سابق إلى طور حضاري لاحق فيه الخير كل الخير . وهذا يعني بصريح العبارة إن العروبة هي الأصل ، وأن الإسلام هو الفرع



الحقيقة الثانية : إن القران الكريم يدل دلالة قطعية في أخر ما انزل منه من آيات على إن الإسلام كان حتى هذه المرحلة التي نتحدث عنها ديانة قومية – أي نظاماً دينياً للأمة العربية التي كانت لا تزال محصورة في شبة الجزيرة العربية . يقول الله تعالى في هذه الآية التي نزلت في حجة الوداع : " اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ... " . فالمخاطبون هنا هم العرب ، فهم الذين أكمل الله لهم دينهم ، وأتم عليهم نعمته ، ورضي لهم الإسلام ديناً . والتاريخ الإسلامي يؤكد هذه الحقيقة فالإسلام حتى هذا التاريخ ، وبعد هذا التاريخ بقليل ، لم يكن قد خرج من الإطار القومي إلى الإطار العالمي ، إنه لم يخرج إلى الإطار العالمي إلا بعد أن بدأت حركة الفتح التي انتشرت معها العروبة وانتشر الإسلام – الأمر الذي لم يتحقق إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أما في زمن النبي عليه السلام ، وزمن الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فقد كان الإسلام لا يزال في إطاره القومي



لقد اكتملت التجربة الإسلامية في الواقع العربي ، واقع الجزيرة ليس غيره ، وهذا يؤكد بكل ما تتسع له هذه الكلمة من معنى ، وإن هذا إنما يعني بصريح العبارة إن العروبة هي الأصل وأن النظام هو الفرع ما دمنا نستهدف من النظرية أو من النظام الديني التطبيق – أي إن تصبح دستور الحياة لقوم بأعيانهم – قبل إن يخرج إلى غيرهم



الحقيقة الثالثة : إن ما يشير إليه الفقهاء والمفكرون المسلمون من قضايا في أصول الفقه تدور حول النسخ والتدرج في التشريع ، إنما يدل على دلالة قاطعة على الدور الذي لعبته العروبة في بناء التشريع الإسلامي ، فقد كانت أسباب النسخ ، وعوامل التدرج في التشريع من الظواهر الاجتماعية : العقلية والنفسية ، لأبناء الأمة العربية المعاصرين لنزول القران الكريم . والذين يقرءون ما كتبه المفسرون عن أسباب نزول الآيات القرآنية يدركون هذه الحقيقة ، فقد كانت أسباب النزول تدور حول وقائع وأحداث من حياة الأمة العربية يومذلك ، وهذا يؤدي بنا إلى الإقرار بأن العروبة قد كانت هي الأصل ، وأن الإسلام ليس إلا النظام الديني الذي تمارس به هذه الأمة حياتها اليومية وحياتها العامة



وتكفينا هذه الحقائق من الحديث عن مرحلة قومية الإسلام وإنها قومية عربية ، وننتقل في الموضوع التالي إنشاء الله عن مراحل العلاقة بين العروبة والإسلام التي ينشد فيها الإسلام عملياً تحقيق عالميته . وهذه المرحلة تبدأ فيما هو المعروف والمتداول بالفتح وهذا في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه . إلى الجزء الثاني إن شاء الله


فارس عبدالفتاح .. قومي عربي

10‏/02‏/2009

ردي علي ردك

سلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك علي ردك المسترسل، إلا أنني لدي بعض الملاحظات:
في كل نقطة أوردتها بإسهاب لم تستطع إقناع عقلي. في الإسلام ليس هناك وطنية أو قطرية هناك إنتماء إلي دين و عقيدة الإسلام دين الله.
خلفكم ستة أو سبعة آلاف سنة من التاريخ، العراق خلفه أكثر من تسعة آلاف سنة و نحن في الجزائر خلفنا خمسة و ستة آلاف سنة من التاريخ لكن نحن اليوم لا ننظر إلي تاريخ الجزائر إلي ما قبل الإسلام، يهمنا فقط تاريخنا ما بعد الإسلام.
تقوقع الشعب المصري عيب و جريمة في حق الإسلام و المسلمين و لا أعتبره مزية.
إعترفت بأنكم متأخرين، أنتم لستم فقط متأخرون أنتم بسكوتكم عن خيانة السادات و جماعته و مبارك و جماعته قضيتم علي فرصة إنبعاث العالم العربي ليوازي إنبعاث إيران و تركيا في المنطقة.
القوة الناعمة التي تتكلم عنها منذ السادات تحولت إلي قوة باطشة كافرة بالله و بقضيتنا المقدسة فلسطين.
و القومية العربية ماتت و لا خير فيها و قد قضي عليها رسول الله صلي الله عليه و سلم و الإسلام و ليس بإستطاعتكم أن تحيوا من مات.
كلفنا تأخر الشعب المصري في تحمل مسؤولياته الشرعية و الحضارية كثيرا و أي حجة منكم و عذر و اي تبرير يبرر ضعف شعبكم و تقصيره لن يقنعنا.
تراجع دور مصر طبيعي لأنها إختارت الوقوف في صف الأعداء أتحدث عن مصر الرسمية طبعا.
تراجع دور النخب المصرية المخلصة لسبب بسيط : نفوذ هذه النخبة علي مدي ثلاثون سنة من الخيانة الرسمية و التطبيع لم يكن بالقوة المطلوبة و الدليل أن لا شيء تغير في أفق الشعب المصري.
يكره الله عز و جل الغرور و أنتم مغرورون و هذا عيبكم فتواضعوا من فضلكم، رسول الله صلي الله عليه و سلم كان متواضعا فرفعه الله و من تكبر علي الله فأنتم تعرفون ما هو عقابه عند الله.
الشعب المصري مسؤول عن دولته كما تكونوا يولي عليكم، و هذا الشعب لم يثور علي نظامه الفاسد، شعوب عربية كثيرة ثارت علي أنظمتها إلا الشعب المصري ، ماذا ينتظر هذا الشعب ؟ فهو يتحمل جزء من مسؤولية ما آل إليه الوضع في فلسطين و غير فلسطين.
كفوا من تبرأة أنفسكم من مسؤولية التغيير، فأنتم مطالبين بالذهاب إلي التغيير و الإصلاح الفعلي.
إن كنت قوميا عربيا فأنا أختلف عنك جذريا فأنا إسلامية من أصول تركية أمازيغية.
و صدقني و هذه صراحة مني شخصيا لا أكن محبة لدولة مصر و لا لشعبها، فمن أحترم هو الشعب اللبناني و الفلسطيني، أحبهم في الله و أجلهم في الله و أما الشعب المصري فأدعو له بالهداية و بأن يخلص نفسه من نظامه الطاغوتي و لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


بقلم عفاف عنيبة

توضيح لرؤية









اسمحيلي بكل تقدير وبكل مودة سيدتي الماجدة أن أحاول أن اشرح لكي الأمور الملتبسة عليك في الموقف المصري الصادرة من الشعب المصري وتصرفات النظام الحاكم


أولاً الشعب المصري : أختي الماجدة الشعب المصري لا يعاني من أي عقدة سواء بالتفوق أو غيرها ، بل العكس ، الشعب المصري مقتنع تمام الاقتناع أنه تأخر كثيرا ً ، كثيراً جداً ، عن الركب الحضاري العالمي واتفق معك في الشيفونية المصرية ، نعم اتفق معك بأنه يوجد شيفونية في الشخصية المصرية ولكن بقدر غير مرضي ، وأقول لكي سيدتي الماجدة لا يوجد نرجسية إطلاقاً في الشخصية المصرية وهذه الأمور ليست وليدة اليوم أو من مائة سنة أو حتى ألف سنة إنه تاريخ شعب يصل عمر دولته ومجتمعه أكثر من ستة ألف سنة أو يزيد ، أفراد هذا المجتمع يرتبطون عقلياً ووجدانيا إلى بيئة معينة والى مساحة جغرافية محددة توالت عليه عصور تعرض خلالها لمحن كثيرة وكبيرة احتل أكثر من تسعة أنواع من الاحتلالت من إغريق وفينيقيين وبطالمة ويونان ورومان وفرس وهكسوس وفتح إسلامي واحتلال فرنسي وانجليزي – وغير دينه ثلاث مرات – ومن يتعمق في تاريخ مصر ويقرأ قراءة واعية ومستنيرة عن هذا التاريخ المصري يتضح له أن هذا الشعب لم يتأثر ثقافيا بأي من هذه الاحتلالات هذه باستثناء العروبة والإسلام لأسباب عقدية ، بل على العكس تمام المحتل هو الذي يتأثر بالثقافة المصرية لأن المواطن المصري يعتقد بأنه صاحب تاريخ وصاحب حضارة وصاحب رؤية وله موروث ثقافي لا يستطيع أحد في العالم أجمع أن ينكر على المصريين هذا ، ولا يستطيع باحث أو حتى قارئ واع ٍ أن يستطيع أن يتخطى دور الحضارة المصرية والدولة المصرية في المحيط الإقليمي أو العالم بأثرة


وهذا التأثر سببه ما نسيمه ( القوة الناعمة ) بمعنى ليس قوة تفرض بالسلاح أو بالحرب أو وإنما هيبة معينة بنفوذ أخلاقي وفكري وكملاذ حقيقي وآمن لكل العرب والمسلمين وغيرهم على مر التاريخ أيضاً


مع ذلك ( المجتمع المصري – الشعب المصري ) يستطيع بكل جدارة وبكل براعة واقتدار أن يتفهم أي شخصية من أي مجتمع وله قدره حقيقية على تقبل الآخر ، وكم من بشر من أعراق كثيرة – دينية واثنيه – على مر التاريخ عاشوا واندمجوا وأبدعوا داخل المجتمع المصري لأن الشخصية المصرية لا ترفض الآخر وليس لديه عنصرية وليست لديها مشكلة في العيش أو التعايش مع الأخر سواء داخل المجتمع المصري أو خارج المجتمع المصري وهذه أيضا من ضمن مميزات الشخصية المصرية فهي تتمتع بعقلية مستنير ومتفتحة ومع ذلك لدية وطنية ولدية انتماءه وهذا أمر لا يعيقه في تقبل الأخر أو التعامل معه ، والشعب المصري ستطيع أن يتخطى أي شيء في التاريخ – ولا ينساه – وليست لدية فوبيا رفض الآخر


ثانيا : أما عن الموقف المصري من تصريحات حسن نصر الله أو أياً كان ، تجاه الشعب المصر فإنه لم يفهم بالضبط ما الذي يمكن أن يقال في مواجهة مصر . يوجد مشكلة في مصر وبتنساها المنطقة مرات ، هنا توجد وطنية عمرها سبعة آلاف سنة أو ستة آلاف سنة وأن دفاعها عن نفسها أمام كل ظروف التاريخ يجعل الوطنية لديها والتماسك الوطني له معنى ، له معنى ، وله معنى ممكن جدا الآخرين أو حتى بعض المحبين لا يفهموه ولا يقدروه ، أنا شاهدت تصريحات السيد حسن نصر الله وأعتقد وأقولها بأمانة ، أعتقد أنه هو – بدا فيها – أن هذه القضية الوطنية في مصر أو المشكلة الوطنية هذا الجدار الأصم الذي يتجمع المصريين بداخله – ويواجهون - عند لحظة معينة ... وهو مفيد على فكرة .. ساعات يخلق مشاكل لكن أنا أجده باستمرار هذا التقوقع حصن أمان عند شعب تعرض لتاريخ طويل جداً


وهو يوجه خطابه إلى القوات المسلحة المصرية والى الشعب المصري وهو لم يدع لانقلاب بالعكس هو كان متحذرا في كلامه يقول أنا لا سمح الله لا أدعو لانقلاب . لكن بعض الجنرالات يذهبوا لمبارك ويقولوا له إن هذا الوضع لا يمكن تقبله ، هذا في حد ذات يبقى انقلاب يبقى نوعا من التمرد ، لان القوات المسلحة أداة سياسية ، لكنه يدعو إلى تغيير الموقف المصري إلى شيء من النوع الذي قاله لأنه يأمل في شيء آخر لأنه يتصور شيئاً آخر، لكن أخطأ، وأنا أعتبر هذا جزء من الصلة معه جزء من قوتي الناعمة وأحافظ عليه وأرده إلى الصواب وأقنعه ، لكن أخطأ نعم، لكن أخطأ كصديق


السادات في كامب ديفد أو في الصلح كان يخير المصريين بين عروبتهم ومصريتهم، السيد حسن كان يخيرهم بين مصريتهم أو وطنيتهم وبين العروبة وهذه معادله خاسرة ، على فكرة أننا كلنا تحت ضغوط شديدة جدا، دائما يقولوا إنه في موقف الأزمات من هذا النوع تمضي إلى خارج مما قصدت، وأن هذا الخطاب كان في أيام عاشوراء وفي أيام عاشوراء النبرة الاستشهادية موجودة أكثر والنبرة الجهادية موجودة . لا أريد أن أدافع عنه في شيء حسن نصر الله رجل شريف ونحن كمصريين نحترمه لكن عندما يخطئ نقول له أخطأت، لأنه لا أحد يزايد على مصر والشعب المصري وهذا أمر مرفوض شكلاً وموضوعاً


الثالثة : وهو النظام المصري الرسمي ونحن نتفق معك في كل ما تقولين ، ونحن نعرف أننا كعرب وكمسلمين أمام تحديات المصير لابد من وحدة الصف ووحدة الموقف ووحدة الفكر ووحدة العمل


لكن هذا لا يعطي أي إنسان أو يعطي مجتمع أو أي دولة سواء كانت عربية أو إسلامية أو غربية أو شرقية أن تملي علينا ما نفعله وهذا أيضاً ينطبق عليكم كجزائريين وعلى كل دول العالم ليس من حق أحد أن يوجه دولة وشعب ومجتمع وأمة ويقول لها افعلوا هذا ولا تفعلوا هذا . هذا أمر لا يليق ومرفوض وشيء مستنكر ومستهجن ومزعج


رابعاً : تقولين أن الشعب المصري مخل بالكثير من واجباته ، وهنا أريدك أن تفرقي بين شيئين الأول : الشعب المصر ، والثاني : النظام الحاكم ، فأظنك وأنا واثق أنه جانبك الصواب في هذا الأمر فالشعب المصري لم ولن وإلى أن يرث الله الأرض من عليها لم ، ولن يتقاعس ولو لطرفة عين عن أداء واجبه تجاه الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية جمعاء قدر المستطاع


أما إذا كان النظام المصري فلا خلاف على ذلك ولكن لم تقولي النظام المصري قلتي الشعب المصري فالنظام المصري الحالي لا يعبر أو حاول أن ينظر إلى تطلعات الشعب المصري وآماله وهذا على ما أظن أنكم تعرفونه وأظن أيضاً أن جميع الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج لا تعبر عن عقل ووجدان وآمال شعوبها بما فيها الشعب الجزائري نفسه أن لم أكن على خطأ


واشكر لكي شيء .. والشيء بالشيء يذكر ، تقولين لنا نحن المصريين أننا وإياكم يحكمنا رئيس واحد أخذنا جميعا رهائن إرادته الغاشمة


وتقولين : ثم إننا لم نعد نتفهم الشعب المصري فلا بد لهذا الشعب أن يفهم بأنه يتوجب عليه أن يخلصنا من نظامه المستبد الصهيوني، قدرة الصبر معنا نفد و عليكم أنتم يا أيها المصريون أن تتفهموا لماذا لم نعد نفهمكم أو نتفهمكم و للصبر حدود . هذه هي الصراحة الصحية


وهذا أيضا اعتبره عتاب من محب أو صديق أو أخ ونحن كمصريين نقبل ذلك ونقدره


أما بخصوص النظرة القومية أو النظرة الإسلامية للقضية الفلسطينية وآمال الشعوب العربية تجاه تحقيق وحدة وعربية واتحاد قومي أو خلافة راشد للأمة الإسلامية ككل فهذا أمر يطول شرحه وسوف افرد له موضوع آخر إن شاء الله سبحانه


وأرجو من الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في شرح وجهة نظر الشعب المصري في هذه الأزمة المستمرة دائماً وأبداً ووضحت تبرئ الشعب المصري مما يفعل النظام المصري الرسمي المختل فكرياً ، وإن قد كنت أخطا فأرجو المعذرة فأعود وأصحح ما كنت قد اخطأ فيه


تقبلي كل التقدير والاحترام لكي ولكل الشعب الجزائري والشعوب المغاربية العربية ككل

09‏/02‏/2009

لنكون صرحاء

بسم الله الرحمن الرحيم

رد أحد أعضاء التحرير علي نصي الأخير دفعني إلي كتابة هذه الأسطر له و لإخواننا المصريين.
ألا تعانون من عقدة التفوق و آفة النرجسية ؟
صاحب رسول الله محمد صلي الله عليه و سلم ألم يكن فارسي ؟ ألم يقترح له في غزوة الأحزاب فكرة حفر خندق حول المدينة المنورة ؟ هل رد عليه رسول الله بأنك فارسي و لا آخذ منك شيء لأنني عربي. ألم يقر القرآن الكريم بأن لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوي ؟ لماذا تعانون من نزعة أنكم أفضل الناس و أنكم وحدكم المخولين لتقرير مصير بلدكم ؟ ألا تعيشون عصر العولمة ؟ عصر التداخل و تشابك المصالح ؟ ألا تعيشون في ديار الإسلام و الذي يعني بلدكم يعنينا جميعا و أنه يحق للسيد نصر الله و لغيره أن يتوجهوا لكم بالنصيحة ؟ هل كفرنا حينما نسمح لأنفسنا بأن ننصح الإخوة المصريين الذين تأخروا كثيرا في تغيير نظام حكمهم ؟ أتركوا جانبا الشوفينية هذه الظاهرة الغربية عن الإسلام، فأنتم بشر تخطئون و تصيبون و عدم تحرككم كلفنا غاليا في فلسطين غزة و في غير فلسطين. فأنا حينما أتوجه لكم بهذه الطريقة الصريحة فهذا حرصا مني علي وحدة الصف الإسلامي من جاكرطا إلي دار البيضاء و ليس تزلفا و تقربا للشعب المصري الذي هو مخل بالكثير من واجباته. فالكمال لله و الشعب المصري لا نستطيع وصفه بالكامل ، نفس شيء ينطبق علي الشعب الجزائري و سائر الشعوب المسلمة إلا أنه يتعين علي شعبكم المصري أن يتحرك سريعا لأن نظام الحكم فيه أخذنا جميعا رهائن إرادته الغاشمة. ثم إننا لم نعد نتفهم الشعب المصري فلا بد لهذا الشعب أن يفهم بأنه يتوجب عليه أن يخلصنا من نظامه المستبد الصهيوني، قدرة الصبر معنا نفذت و عليكم أنتم يا أيها المصريون أن تتفهموا لماذا لم نعد نفهمكم أو نتفهمكم و للصبر حدود. هذه هي الصراحة الصحية.

بقلم عفاف عنيبة