09‏/02‏/2008

غزة قلعة الكرامة الأخيرة

الحصار الصهيوني الذي إشتد علي غزة منذ جوان الماضي و الذي أطبق عليها تماما في هذه الأسابيع الأخيرة يفرض علينا أن نفكر جديا فيما آلت إليه الأوضاع في عالمنا العربي الإسلامي. هل صارت الأنظمة العربية الكبري تخاف واشنطن و تل أبيب أكثر مما تخاف الله و حسابه؟ هذا ما نراه علي أرض الواقع! فلم يعد هم الأنظمة إلا البقاء في كراسيها حتي و لو أدي بها الأمر تسليمها الأماكن الإسلامية الأكثر قداسة الي الإحتلال الصهيوني الأمريكي! نحن في ظرف تاريخي و وضع جيوستراتيجي بلغنا فيه كأنظمة حكم و شعوب القاع. ليست الأنظمة وحدها فقط المسؤولة علي الإنهيار العام و العمالة لأعداء الله و رسوله محمد صلوات الله عليه و سلم، فالشعوب مسؤولة أيضا و مسؤولية كبيرة في الكثير من الجرائم التي أرتكبت بأعصاب باردة من طرف المجرمين الصهانية و الصليبيين و عملاءهم الخونة. فالشعوب العربية و أمام إستبداد أنظمتها لم تتحرك لتطيح بها سلميا، و لا تعمل في يومياتها علي مواجهة مخططات العلمنة و إنتشار ثقافة الميوعة و الإنحلال الأخلاقي. اليوم يشهد 200 مليون عربي إلا من رحم الله إغتيال مليون و نصف مليون فلسطيني في الشاشات علي المباشر من طرف الآلة الحربية الوحشية الإسرائيلية و لا يتحرك له ساكن بل صارت الجماهير تهوي الجلوس الى المقاهي لتتفرج علي المجازر التي يذهب ضحيتها إخواننا في غزة! فالغيرة علي الحق دفنت منذ دخل قاموسنا جميعا عملية السلام و المفاوضات مع الأعداء الأبديين الصهاينة اليهود و الصليبيين المسحيين. منذ نهايات الستينات و بدايات السبعينات كان يعمل اليهود الصهاينة علي تحويل الصراع بينهم و بين الدول العربية و الفلسطينيين الي صراع بين الأنظمة العربية والي جنبها حليفها الكيان الغاصب و بين شعوبها. فقد صار هم الحاكم العربي منصب علي تكميم الأفواه و أسر أصحاب الضمائر الصاحية و الإستبداد برقاب مواطنيه عوض أن يوجه آلته الإستخباراتية و العسكرية ضد العدو الصهيوني الرابض في الأرض المحتلة في فلسطين. سخر الغرب الصليبي الصهيوني كل قواه المادية و المعنوية من سياسة و إقتصاد و ترسانة عسكرية و أرمادا من القوانين التي تتدخل في المنظومة الفكرية و العقائدية والثقافية و الإجتماعية لدول العالم العربي الإسلامي ليمكن لما يسمي زورا و بهتانا " إسرائيل" من إحكام قبضتها علي عالم عربي إسلامي متهاوي. و ما خطط له نفذ و بدهاء و وحشية رهيبتين. فبمجرد ما إنهار جدار برلين، إنكشفت الأقنعة و صار الإسلام و المسلمين في مرمي أبناء روما و بني صهيون. نحن اليوم نعيش عبيدا أذلاء لواشنطن و تل أبيب لا نقوي حتي علي فتح معبر رفح للحجاج و إذا ما فعلنا ذلك فلكي نسارع في إحكام إغلاقه و تطمين العدو أننا جادون في محاصرة إخواننا و تجويعهم! و حينما يفجر المجاهدون الجدار الحدودي بين مصر و غزة و يتدفق المئات الآلاف من إخواننا في غزة علي مدينتي رفح و العريش ليقتنوا حاجياتهم بمالهم معززين مكرمين ترانا نعتذر للعدو الصهيوني علي ذلك قائلين له سمحنا لإخواننا العبور الي أراضينا لأنهم جائعين!!! و ها أن الحدود المصرية الفلسطينية يعاد غلقها من جديد. فقد تبين لنا علي مدي عقود نهايات القرن العشرين و العقد الأول من القرن الواحد و العشرون ميلاديا أن قضية فلسطين محكوم عليها بأن تظل قضية بلا حل عادل لأن من يملكون مفاتيح الحل هم العرب و المسلمين و هؤلاء ليسوا علي إستعداد لشراء آخرتهم و بيع دنياهم. فالعرب كانوا شعوبا أو أنظمة منشغلين أيما إنشغال بالتكالب علي متاع الدنيا الفاني، فهم فشلوا في إحياء حضارتهم الإسلامية و هم يمثلون اليوم أكثر البقاع تخلفا و إستبدادا في العالم! يشمئز الحاكم و المحكوم العربيين اليوم من الدعوة الي تحكيم دينهم الإسلام في أمور دنياهم! فهم يركضون وراء مادية وضعية تؤمن بأن الإنسان مخلوق مادي له أن يستمتع بكل شيء في هذه الدنيا و أن يستبيح كل المحرمات و المقدسات بإعتبار أن لا حياة بعد هذه الدنيا كما جاء في القرآن الكريم علي لسان الكفرة الملحدين ( و قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر...)الآية 24 من سورة الجاثية. فقد صارت مفاهيم الأخوة و النصرة الإسلامية غريبة عن أجيال عربية مسلمة تسمي فلسطين "إسرائيل"! فالي حد الساعة لم تشهد أي عاصمة عربية مظاهرة مليونية واحدة تضامنا مع إخوانهم في غزة مع العلم لم تعد تجدي نفعا المظاهرات، فلا الحاكم يعبأ بها و لا العدو يرتدع بها. أعداءنا الصليبيين والصهاينة في حاجة الي أكثر من مظاهرة، فهم في حاجة الي سلاح رادع، سلاح رهيب. سلاح يجردهم من كل أسباب القوة و المنعة التي يتمتعون بها، لا أظن أنه بمقدورنا في الخمسين سنة المقبلة إيجاد هذا السلاح لأننا ببساطة شديدة علينا القيام بأداء مهمة أهم و هي الأكثر الأهمية علي الإطلاق منذ إستشهاد سيدنا علي رضوان الله عليه الخليفة الرابع المغدور به ألا و هي إعادة نشر الإسلام كنظام حكم و حياة في ربوع العالم العربي الإسلامي ثم بعدها لننطلق الي تحرير فلسطين و سائر بقاع العالم العربي الإسلامي المحتلة ثم الي فتح بقية العالم. لهذا يبدو لي أن شعب غزة هو الآن و غدا كبش فداء الشعوب و الأنظمة الإنهزامية!! فحسبي الله و نعم الوكيل، حسبي الله و نعم الوكيل . بقلم ع.ع

ليست هناك تعليقات: