بسم الله الرحمن الرحيم
أين الدولة الجزائرية من فلسطين؟
أستهل هذا النص بفقرة مأخوذة من كتاب المسألة الشرقية للمؤلف محمود ثابت الشاذلي : ( و قال إبن رواحة، و هو يؤكد معني واضحا في عقيدة الرجال :" و الله يا قوم إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة، و ما نقاتل الناس بمدد و لا قوة و لا كثرة – ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به...فإنطلقوا فإنها إحدي الحسنيين : إما الظفر و إما الشهادة. و أستشهد و صمد رجال من بعده، و شهد لهم الله بأنهم طلائع الأمة الشهيدة علي الناس...كل الناس. و تأكد هرقل-أيضا- أن كل جريح من جيش العقيدة في جسده بضع و تسعون ضربة و رمية من رمح أو سهم أو سيف !!..أي بشر هؤلاء!؟.. و أجيب بأنهم " المسلمون"!!)هذا الوصف الدقيق و الرائع لجيل من المسلمين المجاهدين الأوائل علينا أن نستوحي منه ملامح جيل معاصر آخر إختار المقاومة و الصمود كسبيل وحيد لإسترداد الحقوق و قد عمل رجال الثورة الجزائرية بمنطق الجهاد من جهة و التفاوض من جهة أخري و قد عرف عن الدولة الجزائرية فيما بعد تأييدها لحق الفلسطينيين في المقاومة و المطالبة بحقوقهم سياسيا. غير أن موقف الدولة الجزائرية اليوم تراجع بحيث سكتت عن تجريم السلطة الفلسطينية برئاسة عباس و فياض لفعل المقاومة!! لم نسمع عن أي إحتجاج جزائري أو أي عمل لخاريجيتها هنا أو ممثلها في الجامعة العربية من أجل إقناع السلطة الفلسطينية بالعدول عن موقفها المخزي من المقاومة! أكثر من ذلك تمسك الدولة الجزائرية بالمبادرة العربية الميتة بات أمرا مفروغا منه. فدولتنا تنازلت عن قسم كبير من القدس و عن حق عودة كل اللاجئين و إسترداد فلسطين 48 و هذا التنازل لم يتبعه إنتفاضة من المجتمع المدني في الجزائر، فهناك بسطاء جزائرين من لا يعلمون بوجود مبادرة عربية أعطت للعدو ما لم يعطيه أحد من قبل! لا أحد ينكر أن السياسة الخاريجية الجزائرية في 1429ه ليست السياسة الخاريجية للرئيس بومدين رحمه الله، نعترف للرجل أنه كان صارما مساندا قويا لحقوق المستضعفين و لم يبخل بشيء من أجل إخوانه في فلسطين. إختلف الوضع في أيامنا، فدولتنا مطالبة بتحصين الداخل المهزوز الأركان. لا نستطيع أن نذهب بعيدا في دعمنا لحقوق الشعب الفلسطيني و نحن غير قادرين علي تأمين الداخل و الحدود. هذا متفق عليه، الغير المتفق عليه أن نتخلي عن سياسة الحد الأدني. فقد صنفت الجزائر في صحيفة "القدس العربي" بأنها من دول الإعتدال هذا عار! إذا ما تأكدت فعلا مكالمة رئيس الحكومة المقالة السيد هنية للرئيس الحكومة الجزائرية السيد بلخادم، فعلينا أن نستهجن رد معالي رئيس حكومتنا. لم تحل أي قمة عربية قضية فلسطين و الجزائر قادرة علي أكثر من مجرد طرح مشاكل و طلبات الإخوة في غزة علي القمة العربية. فالتحرك المحدود لديبلوماسيتنا في الجامعة العربية غير كاف علي الإطلاق و إلا كيف نفسر رغبة الإخوة في فلسطين بدور جزائري أكثر فعالية؟ لماذا لا نتبني سياسة أكثر إيجابية و تأثير في قضية فلسطين و قضايا أخري؟ فمبرر أن الجزائر لم يعد لها ما تقدمه للإشقاء بدعوي أنها لم تجدهم في وقت الشدة، هذا موقف معيب و لا يشرفنا، فسياستنا الخاريجية محركها المباديء و القيم و ليس المواقف الإنفعالية. الجزائر مهددة مثلها مثل لبنان و فلسطين و العراق و إن لم تعمل جديا للخروج بمواقف فاعلة، ستدفع ثمن تخاذلها آجلا أم عاجلا. فلا ينبغي أن نعيش في الوهم، من يسعون لزعزعة الداخل الجزائري هم أنفسهم من لهم مصالح كبيرة و كبيرة جدا في إبقاء الكيان الصهيوني القوة الأقوي في المنطقة. و بناءا علي هذا محكوم علينا بالتحرك السريع و العملي. المعونات المقدمة لإخواننا لا تشفع لنا اليوم و لا في يوم الحساب. المطلوب أن تعمل الديبلوماسية الجزائرية علي عدة جبهات في نفس الوقت. و أول ما يجب أن تواجهه و بحزم النفوذ السيء لمصر و السعودية في قضايا عالمنا العربي الإسلامي. الي متي و نحن رهينة إرادة مصر و المملكة؟ هم يرون في أمريكا الحليف الذي لا غني لهم عنه. نحن لدينا رؤية مخالفة، التحالف مع أمريكا لم يخدم يوما مصالحنا، فلماذا الإستمرار في التحالف معها؟ ثم لماذا نلوم حماس و باقي الفصائل الفلسطينية علي لجوءها المتكرر لمصر بما أن الجزائر منكفئة علي نفسها؟ مما لا شك فيه أن العالم العربي خسر الكثير و الكثير بتراجع دور الجزائر، فكل الجهود التي تبذلها ليست كافية. نحن نطمع في دور جزائري أكبر و أعمق و هذا من حقنا. بقلم عفاف عنيبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق